Sole Music

Saturday, May 28, 2011

بيوت من بشر

فتح ربيع احدى النوافذ، فتسلل هواء ساخن بدّل شيئاً من عطانة المكان المخنوق. ثم حمل الصندوق الكرتونى الأول بما تجمع فيه من أغراض، وسبقنى خارجاً كى يضطرنى للحاق به. تلكأت قليلاً، لم يكن الخروج سهلاً من مكان لا أعرف ماذا سيكون مصيره المقبل، هل سيزول بغارة جوية- أيا كانت الجهة التى ستقصف- أم سيصمد ليكون شاهداً على محاولة اختظاف البلد؟ ..

من قصة "يوم من شهر آب" - مجموعة قصصية " تشاو روبرتا" للكاتبة السوريّة غالية قبّانى

----------------
الارتجالة

تتشبّه الأماكن بصورة أصحابها. تبدأ الجدران بالتلون بلون الذكريات. يميل لونها للاصفرار الملائم للون الحزن فيبدو أنه اللون الغالب على معظم الجدران، فقط تبدو بعض الأجزاء المجاورة للنوافذ وقد مالت الى اللون الوردى البسيط، فى تلك اللحظات التى لا تشهد ملامح الفرح سوى عندما تتطلع الى خارجها، الى صخب الأطفال المارين بالشارع أو الى خيوط الشمس الذهبية النافذة الى المكان فتبدد بعضاً من ظلمته.

تنكمش الكراسى والأسّرة والطاولات. تتهدّل فوقها الشراشف. تنكفىء الأكواب وتنحنى قامات المزهريات القليلة المتناثرة فى الأركان. تتسلل الى الأنوف رائحة مكتومة تحمل عبق فراق وشيك. اذا نظرت الى المرايا طالعتك خيوط من دمع صامت تسيل فوق صفحتها، واذا تصنّت بأذنك الى الأركان قد تنجح فى التقاط صوت شهقات متقطعة لنحيب مكتوم.

للبيوت مشاعر حميمة تنضح بالوهج وذاكرة لا تعرف النسيان، وأرواح حية تخشى هى أيضاً نفس المصير المجهول.

No comments: