Sole Music

Monday, December 8, 2008

خلف جدار الحياة


القى بالكتاب من يدى ... أحلق فى الفراغ ... بعد قليل يترجم المنظر الثابت امام عينى الى شكل مفهوم... سقف عال مسطح رمادى اللون... صوت السى دى بلاير الهامس يأتى من بعيد .. بجوارى شاشة اللاب توب  مظلمة خاملة معلنة فى تحد صريح خلودها الى الستاند باى بعد أن هجرتها أصابع يدى بوقت ليس بقصير ، الى جواره يقبع كوب يسكنه بقايا  الشاى الصباحى لم يمس، بحركة لا ارادية اتطلع فى شاشة الموبايل.. ينبئنى الوقت ان مازال لدى الكثير والكثير لأقضيه فى فعل... ماذا ؟

دائما ما اهتم بمعرفة الوقت فقط لأتأكد من انه لم يداهمنى أو اننى لم أتأخر على موعد لى.. أتذكر كيف كنت أتمنى دائما لو يطول الوقت لبضع دقائق .. بضع دقائق فقط حتى أنجز ما فى يدى قبل أن امضى، مع كل ذلك الضغط والارهاق كان النظر الى الساعة يصيبنى بأكبر قدر من التوتر. الآن ما زال أمامى الساعات والساعات لأقضيها فى اللاشىء.. أه لو أتمكن من تخزين هذا الوقت بطريقة ما فأستفيد منه فيما بعد ولكن يبدو ان الكثير والكثير من الملل فى انتظارى لاملأ منه  كئوساً.

أرغب فى القيام من نومتى هذه.. لا .. لن أتحرك حتى أقرر ماذا يمكن أن أفعل الآن.. شرعت أفتش فى عقلى عن شىء يمكن أن يملأ مساحات الفراغ داخل نفسى ... قادنى التفكير فى شىء ما أفعله الى الحيرة فيما اصبحت عليه  من اعتيادى شغل نفسى دائماً بشىء أقوم به... تخيلت كيف أصبح ازدحام حياتى هو القاعدة ومجرد يوم بلا عمل هو الاستثناء. الا يمكن ان اقضى يومى هكذا راقدة فى فراشى لا أفعل شيئاً ! الكثيرون يفضلون قضاء يوم مثل هذا فى النوم والاسترخاء ومع هذا يأبى عقلى أن يهدأ عن التفكير حتى محاولتى للاستيقاظ متأخرة قد باءت بفشل  ذريع. لا لن احتمل البقاء فى الفراش كل هذا الوقت.. ان لم يكن الغرض من هذه الاجازة هو عدم فعل شىء فليكن فعل شىء مختلف. تتصاعد الفقاعات الهوائية  الجوفاء أمام عينى فلا تلبث أن تكمل طريقها الى أعلى حتى تنفجر معلنة فشل تلك  الفكرة لتحل محلها أخرى فتلقى نفس المصير.

تعجبت كيف كنت أسعى وأتشوق الى قضاء يوم مثل  هذا بعيداً عن عناء العمل وأشعر بأن الفرصة ستكون أمامى لأداء العديد من الأشياء الجديدة  بعيدا ًعن روتينى اليومى.. كم كنت أشعر بالاستياء عندما أتخيل ان يوماً واحداً لن يكفى فاذا بذلك اليوم الواحد هو أقصى أيام حياتى مللاً. الى هذه الدرجة فقدت قدرتى على الاستمتاع بحياتى والقدرة على ايجاد شىء واحد يملأ فراغات عقلى ونفسى.. لا شىء  سوى العمل حتى ان القدرة على الاستلقاء وعدم فعل شىء أصبحت عبئا رهيبا من الرفاهية  لا يحتمل. كلا لن استسلم لذلك الشعور بالاستسلام .. علىّ أن أجد نفسى فى فعل شىء  مفيد أو أرضى بهذا الهدوء القاتل الذى يحيط بى من كل جانب.

انقذنى رنين الموبايل يشق صمت هذا الفراغ الرهيب... التقط الطرف الآخر... دعوة للخروج من أحد الأصدقاء .. اتشبث بها .. أغادر مكانى... اتنفس احساسا بالنشاط... فى عروقى تتدفق دماء الحياة.

فى الليل تتحرك يدى اليمنى بالمفاتيح فى  الباب.. أدلف الى الداخل وفى يدى اليسرى أمسك بالموبايل.. أتحدث الى أحد الزملاء فى شأن من شؤون العمل على وعد بالعودة غداً صباحاً لاكمال ما بدأناه اليوم. القى  بالحقيبة والمفاتيح والموبايل على المكتب والقى بجسدى المكدود على السرير.. أغمض عينى وأفكر كيف تحول عناء اليوم الساكن بلا شىء الى عناء يوم عمل جديد... لم أمنح  نفسى فرصة التغيير... انقادت وراء الشعور بالاعتياد وجاذبية الرغبة فى مزاولة شىء تألفه.

بالرغم  من احساسى العميق بالتعب طافت على شفتى شبح ابتسامة منهكة فها هى الساعة تعلن انتهاء يوم طويل وغداً لن أرهق نفسى بالتفكير فيما ينبغى أن أفعله. 

No comments: