الظلال، تؤلمه وتعذبه.. كان ذلك عندما كان طفلاً، لا يستوعب كثيراً ذلك الكائن الهلامى الأسود اللون الذى يقلده فى كل ما يفعل. يسير فيسير معه ومع ذلك لا يسمح له بادراكه أبداً. يلتفت خلفه ليمسكه، فيهرب الى الناحية الأخرى، يقفز فوقه ليطأه بقدمه، فيبتعد عنه بمسافة خطوة. بعد أن يمّل ويتعب يجلس وقد ادركه الوهن والضيق. ينظر اليه بغيظ، ينتظر أن يفارقه فلا يفعل، حتى يضطر الى أن يستسلم له ويمضى بيأس تاركاً اياه يجرجر نفسه وراءه.
"فى الحياة الكثير من المسلّمات التى يجب أن تقبل بها"
ظل طيلة حياته يحاول أن يستوعب ذلك ولكنه فشل. أصبح يكره صورته المنعكسة فى عيون الآخرين، شخصاً متمرداً لا يقبل الخضوع لقواعد أو قوانين. " ما من علاقة فى الحياة يمكن أن تستمر بعشوائية" هذا ما أخبروه به، ولكنه يرفض أن ينصاع لأحد. شىء ما بداخله يرفض أن يقتنع برأى أجمع عليه الآخرون. كان يريد أن يصبغ على الأشياء لوناً وحياةً وحركة.. فليست كل الأشياء سوداء وحزينة، ولا ينبغى لها أن تُسلم قيادها لآخر.
" فى الحياة الكثير من المسلّمات التى يجب أن تقبل بها والا ستفزع"
عندما هجره الجميع أصبح وحيداً. جلس يتذكر ما أخطأ فيه، ربما وجد سبيلاً الى العودة. لفت انتباهه حركة ما من ورائه، كان ظلاً أسوداً كبيراً ظل يقترب منه فى سرعة مخيفة. أصابه الفزع.. قام يبتعد، لكن الظل أصر على أن يتبعه، يهرب منه فيدور حول نفسه مناوراً ثم يعود ليتقدم فى اتجاهه، صرخ.. وجرى بعيداً. كان الظل يكبر وينتشر، أصبح محاصراً وشعر بأنفاسه تضيق
" فى الحياة الكثير من المسلّمات التى يجب أن تقبل بها والا ستفزع وقد يؤدى ذلك الى الموت"
-----------------------------------------------------------
-----------------------------------------------------------
ارتجالة على قصة (عيد ميلاد انفانتا) من كتاب حكايات من اوسكار وايلد - سلسلة روايات مصرية للجيب - ترجمة د. أحمد خالد توفيق
No comments:
Post a Comment