Sole Music

Friday, January 21, 2011

مدن الغربة

هدوء يلف المكان .. فى ذلك اليوم الشتوى البارد.. يكاد النهار يلفظ انفاسه الأخيرة تاركاً لليل أستاره يزحف فيها ببطء وينشر أجنحته، أسير بجدة وحماس.. لا يقاطعنى غيرى فى شارع يبدو أنه خالِ من البشر.. انظر لأسفل كما هى عادتى حين أسير وأنا أفكر... أرفع رأسى قليلاً واتلفت حولى ، اتطلع الى السماء الرمادية البعيدة وسحاباتها الداكنة... اتأمل الشوارع الخالية بطول المدينة وعرضها، أشجار سقطت عنها أوراقها تماما، بيوت ومنازل قصيرة متلاصقة، أنيقة، تحفها حدائق صغيرة، نوافذ البيوت وستائرها الرقيقة وأحواض الزهور المتناثرة أمامها، كل شىء نظيف ومرتب، شوارع غسلها المطر وهواء بارد يلفح وجهى فأغطيه بشال ألفه حول رقبتى.. انتبه للفكرة، لم أعتد على ارتداء الشال من قبل.. عادة جديدة تنضم الى عادات أخرى وجدت طريقها الىّ فى هذا البلد الجديد حتى ألفتها فلم أعد ألمح فيها دهشةً أو استغراباً...

راعتنى الفكرة الجديدة، توقفت.. عدت أنظرحولى من جديد بعيون أخرى، عيون من يرى المكان لأول مرة.. أتأمل المنازل المتراصة والطريق الخالى الطويل... شبه الظلام والهدوء والصمت.. يتسلل بداخلى احساس الغربة لثوان، يسرى بداخلى كالرعشة من أعلى رأسى حتى قدمىّ، كيف اعتدت هذا المنظر وتلك الحياة؟ كيف أصبحت أسير فى هذه الطرقات كأنما هى قدر محفوظ، فلا يختلط فيها علىّ الأمر ولا تعد تثير فىّ الدهشة أو التأمل ؟

يقتحمنى السؤال.. لماذا أنا هنا؟ وكيف أنا هنا؟
تلك المدينة التى تشى شوارعها بالحزن وتحرض جدرانها على البكاء وتغرى أرصفتها الباردة بالعزلة.. تتكاتف فيها كل هذه العوامل لانتاج الحنين.. حنين الى وطن لا يفهمنا أو لا نفهمه.. هل تحتاج تلك المدينة لشهور قليلة فقط لتصبح وطناً؟
هل تفهم حينها جراحنا وتستطيع أن تتسلل الى مناطق البرودة فى داخلنا فتدفئها؟

فى مدينة كهذه لا سبيل لالتئام الجروح، كل ما فيها يبعث على التفكير ويرشى هدوءها وتحرض السكينة فيها على الذكرى.. تنهمر علىّ كما تنهمر قطرات المطر على البيوت والشوارع والأشجار فتغسلها، فتمتزج بداخلى ذكريات عن وطن بكر وحب أول .. فى مدينة كهذه تسع الذكريات باتساع صمتها وغربتها لا سبيل لأن أنساك، ان حباً طاهراً اذا ما غزا قلباً بكراً يتملّكه، وان قلباً فتياً تفتحت بتلاته على حس كنت أنت فيه المعلم فى كتاب الرجولة والقارئ لأبجديات الذكورة لا يملك أن يتنكر لمبادئه الأولى.. فى مدينة كهذه تحرّض برودتها على تفقد الدفء فى ذكرى من كانوا يبثون تلك الحمى فى قلوبنا فتنضحُ أرواحنا بالوهج

فى مدينة كهذه تعلمت انه من الأفضل أن اسمح من حين لآخر لاحساسٍ بالغربة ان يتملكنى، الا أفقد احساساً بالدهشة من وجودى فى هذا المكان.. أن أتوقف قليلاً وأعود لأتأمل ما حولى واتساءل.. فى مدينة كهذه تختمر فيها الأحزان وتنضج فيها الذكريات.. هل روتنى حقاً أم زادتنى جفافاً !!


Wednesday, January 19, 2011

بحب البحر ... بحب الورد .. بحب الناس .. بحبك

بحب البحر لمّا يزوم..
و أعشق صرخته في الريح ..
بحس في موجه شوق مكتوم..
لناس حُرّة و حياة بصحيح ..

و أحبّه لمّا يتهادي ..
و أدوب لمّا يوشوشني ..
و يفرش موجه سجادة..
في أحلامي تعيشني ..

ملوش أول..ملوش أخر ..
قراره طاوي اسراره ..
و دايماً في الهوي مسافر..
ولا نهاية لمشواره ..

بحب البحر..أحب البحر..
و أعشق ضحكته و آنه ..
و أحب الناس..أحب الناس..
ماهم فيهم حاجات منه ..

و أحبك يا اللّي أحلامي..
في هواكي زهزهوا و حنّوا ..
يا بلدي ياللّي و أنا فيكي ..
عيوني ليكي بيحنّوا ..

بحب الورد فوق السور ..
و أعشق ضحكته الفانية ..
و أحس في ريحته شوق مسحور ..
لناس حرّة و حياة تانية ..

و أحبه بين ايدين عشاقْ..
رسالة مهفهفة بأشواقْ ..
و حتي و هو بلا أوراقْ ..
كتاب العشق ، ذكرى فراقْ ..

حياته في الهوي ليلتين..
و عمره ما كان بعمره ضنين ..
يرش هواه علي الماشيين..
و يتقاسمه مع الجايين ..
بحب الورد ..

Wednesday, January 5, 2011

فى بلاد الألمان (2) ... رحلة العذاب والضنى

أخيرا أخدت اجازة ونازلة مصر... قد ايه احساس العودة ده رائع ومبهج... مصر... برغم كل شىء وأى شىء بيفضل جوه الواحد احساس بالحنين صعب انه يقاومه... قبل السفر بأيام كنت بعد الأيام عشان تخلص.. مش عايزة اشتغل .. مش عايزة اعمل اى حاجة.. الوقت بيعدى ببطء اوى ايه ده.. ملل الانتظار ولهفة التوقع...

ليلة السفر معرفتش انام كويس.. نمت يادوب 4 ساعات.. كنت قلقانة ولا بافكرفى ايه مش عارفة.. بس لو كنت اعرف بجد اللى كان هايحصلى كنت احترمت نفسى وحاولت انام بضمير وده لأن النتيجة انى فضلت صاحية فى رحلة العودة "رحلة العذاب والضنى" لمدة 16 ساعة متواصلة !!!

القصة ابتدت انى كنت حاجزة الرحلة على الخطوط التركية.. الوحيدة اللى كان اسعارها معقولة فى التوقيت ده مقارنة بفارق كبير مع سعر أى طيران مباشر.. يعنى معناها انى هانزل ترانزيت فى مطار اسطنبول وبعدين اخد طيارة تانية من اسطنبول للقاهرة.. بجانب السعر المميز كان الترانزيت لمده ساعتين بس الأمر اللى كان مازال بيقع فى حدود المعقول.. ساعتين زيادة مش مشكلة مش هاتفرق كتير..

فى مطار فرانكفورت بعد ما خلصت كل الاجراءات ورحت على صالة الانتظار عند بوابة التشيك ان اكتشفت المفاجأة !! طيارة اسطنبول اللى كان مفروض معاد اقلاعها الساعة 6 م هتتأخر للساعة 9 م ... 3 ساعات تأخير.. المشكلة انى عندى طيارة تانية بعد كده بالش

كل ده مش هالحقها... بعد سؤال واستفسارات من الركاب حول الرحلة اللى بعد شوية ابتدينا نسمع انها برضه مش مؤكد معاد اقلاعها يعنى ممكن تتأخر اكتر من كده.. ولوحة الاقلاع شالوا من عليها رقم البوابة.. ليه يا أخوانا؟ سورى لسه مش عارفين الطيارة هتطلع منين !!!

كان الاقتراح من أحد الموظفين (المتفتحين) العاملين بالمطار اننا نتجه الى طيارة تانية على الخطوط التركية برضه هتقلع من بوابة تانية الساعة 7:30 ونحاول نغير التذكرة بتاعتنا عليها طالما انها تبع نفس شركة الطيران.. اتجهت انا و أنيتا (بنت المانية كانت طالعة على نفس الطيارة وهتزل ترانزيت برضه فى اسطنبول بعدها تاخد طيارة تانية الى هونج كونج) اتعرفت على انيتا بسبب موضوع التاخير ده كانت هيا كمان بتحاول تسأل عشان تعرف هتعمل ايه لو فاتها الكونيكشن التانى..

المهم اتجهنا للبوابة التانية نشوف هنعرف نغير التذكرة ولا لأ (للعلم البوابة التانية تبعد عن البوابة اللى كان المفروض نطلع منها مسافة 2 سلالم متحركة وعدد لا بأس بيه من المشى المتواصل لمدة 10 دقايق تقريبا فى ممرات ضرورى اللى صمممها كان غاوى رياضة المشى لمسافات طويلة) المهم وصلنا البوابة التانية فوجئنا انها اصلا على شركة تانية غير الخطوط التركية بس رايحة اسطنبول برضه ( نصايح الموظف المتفتح) قالولنا هناك مينفعش نغير التذكرة لأنها على خط طيران مختلف.. طيب الحل ايه... الموظف المتفتح برضه اللى واضح انه يقرب للأولانى صلة قرابة من الدرجة الأولى قالنا روحوا للبوابة اللى جنبنا هناك رحلة تابعة للخطوط التركية اسألوا فيها.. نروح للبوابة التانية نكتشف انها رحلة للكويت على خطوط طيران الخليج !!!

رجعنا للموظف المتفتح التانى قالنا: آه ما هوا بعد الرحلة دى هيكون فيه رحلة للخطوط التركية رايحة اسطنبول.. محاولتش اتناقش معاه واحاول افهمه ان اصلا رحلة الكويت دى كان البوردج تايم بتاعها 7:45 وهو اصلا بيقولنا ان رحلة اسطنبول اللى هتبدأ بعدها على نفس البوابة المفروض تطلع اصلا 7:30

مكانش قدامنا غير اننا نرجع للبوابة الأولانية نستنى عندها ونشوف الطيارة دى هتطلع فى سنتها ولا مش طالعة.. مشينا كل المسافة تانى بين البوابتين ورحنا قعدنا هناك لقينا فى رحلة طالعة من عندها لجوهانسبرج فى جنوب افريقيا قولنا وماله جوهانسبرج جوهانسبرج.. يعنى مش بعيدة اوى عن اسطنبول.. قعدنا نستنى الفرج وفى هذه الأثناء استغليت الفرصة وتحدثت الى أنيتا...

انيتا بنوتة عسولة اوى بتتكلم انجليزى كويس جدا على عكس معظم الألمان ، سألتها قالتلى لأنها درست الدبلومة بتاعتها فى الصين وهناك الدراسة كانت بالانجليزى.. قالتلى انها رايحة هونج كونج أجازة وانها بعد كده هتطلع على الصين عشان البوى فريند بتاعها لسه بيدرس هناك. شكله صينى مردتش اسألها بصراحة.. ما علينا.. اتكلمنا فى حاجات كتير جدا وكالعادة ابدت أنيتا انبهارها واندهاشها من انى بدرس الدكتواره فى المانيا فى مجال علوم الحاسب.. نفس ردة الفعل اللى بيمارسها اى حد بيعرف نفس المعلومة.. الظاهر ان المجال بيعتبروه معقد جدا وكمان الدكتوراه عندهم مش أى حد يوصل للمرحلة دى من الدراسة، لازم يكون حد متفوق جدا وبتاع علم يعنى من الآخر.. ما علينا محاولتش اناقشها كتير فى النقطة دى.. سألتنى اشمعنى المانيا وقلتلها على أسبابى..سألتنى عن مصر وقالتلى انها بتسمع عنها كتير ونفسها تنزلها أجازة فى الصيف وطلبت منى شوية نصائح عن الأماكن اللى تقدر تزورها وكده.. اتكلمت معاها كتير وحاولت اديها فكرة عن أحسن الأماكن اللى ممكن تقضيها فى مصر وخصوصا فى القاهرة.. قلتلها ان فيه مراكب بتعمل رحلات نيلية من اسكندرية لغاية الأقصر وأسوان وبتكون ممتعة كتير.. قالتلى بس مش أكيد بتكون فى أوقات معينة لما النيل يكون فيه مية كفاية ؟J

ضحكت اوى وقلتلها لأ هواالنيل دايما فى مية كفاية.. محبتش افتح موضوع أزمة مياه النيل مع الدول الافريقية الشقيقة واللى غالبا بسببها هتتحق نبوءة أنيتا ومش هيفضلنا مية كفاية فى النيل نعمل بيها رحلات سياحية... قلت لأنيتا الفيلم اللى احنا فيه ده بيفكرنى بفيلم توم هانكس وكاترين زيتا جونز بتاع المطار.. مكنتش فاكرة اسم الفيلم.. هيا كمان فتحت بقها كده وقالتلى آه صح عندك حق هوا كان اسمه ايه؟؟ قعدنا انا وهيا نفتكر فى اسم الفيلم لغاية ما افتكرناه

(the terminal)

توم هانكس فى الفيلم كانت حصلتله مشكلة وهوا فى المطار ان البلد اللى جاى منها حصل فيها انقلاب اثناء رحلته وبقت بلد غير معترف بيها على الخريطة فاتحبس فى المطار لا هوا عارف يرجع بلده ولا قادر يخرج.. فى سرى قلت الحمد لله لسه محصلش فى مصر انقلاب J

المهم شوية ولقيناهم بيعلنوا فى الاذاعة الداخلية عن ان رحلة اسطنبول على الخطوط التركية اتنقلت لبوابة تانية وبالصدفة كانت فى نفس المكان اللى كان عنده البوابة الللى رحنالها قبل كده.. طلعنا طبعا جرى على هناك (لاحظوا لتالت مرة بنمشى نفس المسافة) عشان نفاجىء بأن الرحلة اللى طالعة من هناك أصلا متأخرة من الصبح 7 ساعات !!! هوا فيه ايه !!! طبعا الموظفين على التشيك ان رفضوا يستمعوا لينا اصلا عشان عايزين يخلصوا الناس اللى قاعدة مستنية من الساعة 11 الصبح وخلاص قربوا يخللوا.. قلنا نستنى شوية لحد ما الناس كلها تطلع وبعدين نشوف فيه مكان ولا لأ.. بعد ما الناس طلعوا سألنا الموضفة المتفتحة برضه قريبة الاتنين الأولانيين قالتلنا بكل هدوء: آسفة الرحلة كلها فٌل ، مالينة ومفيش مكان، طب ماكان من الأول خلتينا نستنى ليه !!

المهم انها بكل هدوء برضه قالتلنا أصلا الرحلة بتاعتكوا طالعة من عند البوابة الأولانية انتو جايين هنا ليه؟

كنت خلاص هانفجر وانا مش عارفة اقولها ايه وبحاول اتملك اعصابى قدام أنيتا لاتاخد عن المصريين فكرة غلط وتقرر تلغى رحلتها لمصر.. رجعنا للبوابة الأولانية تانى واحنا خلاص مش قادرين نقف على رجلينا .. الحمد لله لقينا البورد اتكتب عليها رقم الرحلة والناس كلهم واقفين هناك... حمدت ربنا وقلت فرجت، وقفت معاهم.. افاجىء بعدها بخمس دقايق بواحد جه وقعد يتكلم فى المايك بالتركى كلام كتير جداً.. طبعا مش فاهمة ولا كلمة لا أنا ولا

أنيتا.. لنفاجىء بعد ما خلص بالناس كلها طالعة تجرى.. لا حول ولا قوة الا بالله هيا طيب الترجمة هتنزل امتى.. رحنا للأخ المتفتح وسألناه.. هوا فيه ايه !!! قام قالنا بكل بساطة الرحلة اتغير مكانها وهتتطلع من عند بوابة رقم كذا.. كان هيغمى عليا لأن ببساطة رقم البرابة كان هوا نفس رقم البوابة التانية اللى كنا عندها مرتين قبل كده..

طلعنا نجرى أنا وأنيتا للمرة الخمسمية ورحنا على البوابة التانية عاشر.. لقينا رقم الرحلة مكتوب والناس ابتدت تعدى فعلا.. قلنا خير وبركة وووقفنا لغاية ما عدينا ..من البوابة أخدنا باص لمكان الطيارة تقريبا مشى بينا مشى لف مطار فرانكفورت كله وغالبا الأحياء المجاورة.. وبعد ما أخيرا وصلنا الطيارة وطلعنا وقعدنا .. فين بعدها بنص ساعة – اللى كان ساعتها اصلا فات ساعتين على المعاد اللى قالوا اصلا الطيارة هتطلع فيه.. لقينا الطيار الموقر بيبلغنا فى اذاعة الطيارة ان الاقلاع هيتأخر نص ساعة كمان عشان لسه الشنط بتتحمل.. النص ساعة بقت ساعة ويعدها الطيارة طلعت.. أشهد ان لا اله الا الله... نسيت اقول ان قبل ما نعدى من البوابة فضلنا واقفين نص ساعة عشان كانوا بينضفوا الطيارة.. ملخص الحدث الطيارة اللى كان اصلا مفروض تطلع الساعة 6 م طلعت بعد ما طلعت روحنا الساعة 12 م.. 6 ساعات تأخير وطبعا الكوميكشن التانى زمانهم وصلوا مصر اصلا وروحوا بيتهم كمان.. كان لازم طبعا بعد ما أوصل مطار اسطنبول نشوف بقى اى رحلة تانية طالعة على القاهرة واحول التذكرة عليها ويا عالم بقى هتكون بعد قد ايه؟


-----------------------

فى الطيارة افترقت أنا وأنيتا لأن كان مكان الكرسى بتاعها بعيد عنى. رحت على مكانى كان جنب الشباك وكان الكرسى اللى جنبى لسه فاضى.. شوية ولقيت شاب كده جه وسألنى بالانجليزى وهوا بيبص فى تذكرته: تحبى تقعدى هنا ولا هنا؟ بيشاور على الكرسى اللى جنبى.. قلتله لأ هوا اصلاً كل تذكرة مكتوب عليها رقم الكرسى، شاورتله على الرقم على التذكرة وقلتله: انت

B

يعنى الكرسى اللى بره... سكت ثوان كده وقالى : آه اوك.

قعد جنبى وبعد شوية اتلفت وقالى: عربية؟ قلتله: ايوة.. فوجئت بيه بيكلمنى عربى وقالى: منين؟ ابتسمت كده وقالتله بالعربى بقى: من مصر.. وانت؟ قالى: من تركيا.. اندهشت وسألته: وبتعرف عربى ازاى؟ قالى: ان ليا أصدقاء كتير من عرب من مصر ولبنان اتعلمت اللغة منهم. فى سرى قلت سبحان الله أول مرة أشوف تركى بيتكلم عربى كويس ويكون حظى انه يقعد جنبى فى الطيارة.

فهمت من (عبده) الشاب التركى الوسيم انه اصلاً مقيم فى كندا بيشتغل هناك وقاعد مع أسرته بقاله 14 سنة.. قالى انه فضّل ان اسرته تقعد معاه عشان تساعده انه يفضل على الطريق المستقيم على حد وصفه، (مش عايز انحرف.. الأسرة برضه ليها تأثيرها ) قالهالى وهوا بيضحك.. ضحكت معاه...

عبده نازل تركيا أجازة بعد أكتر من 3 سنين منزلش فيهم هناك... كان مشتاق جدا انه ينزل.. فهمت دلوقتى هوا ليه كان عايز يقعد جنب الشباك عشان يتفرج على اسطنبول من فوق والطيارة نازلة.. كان مشتاق ليها كتير عرضت عليه بلطف اننا نبدل أماكنا، سألنى: عادى يعنى مفيش مشكلة بالنسبالك؟ قلتله: لأ طبعا مفيش مشكلة، وبدلنا الأماكن. عرفت كمان ان هوا كان فى المطار من الصبح وطيارته اتلغت اصلاً واضطر يستنى 15 ساعة فى المطار عشان ياخد الطيارة اللى بعدها اللى هيا بالصدفة طلعت طيارتى.. لما قلتله انى استنيت 6 ساعات تأخير قال يا بختك !!!

الرحلة الحقيقة كانت لطيفة.. حكينا كتير مع بعض وأوقات تانية من كتر التعب نمنا... صحانى عبده بعدها على وقت الأكل وسألنى تحبى تاكلى ايه؟ فيه كفتة وفيه فراخ.. قلتله: كفتة.. باحب الكفتة التركى جربتها فى المانيا.. هوا سكت كده فقلتله مش هيا بيف برضه ولا ايه.. بص فى المينو كده وابتسم وقالى آه .

أثناء الرحلة كان بيسمع أغانى تركى من اللى بيعرضها برنامج الطيارة.. عرض عليا انى أسمع منها وقالى جربى.. شغّل اللوحة بتاعتى عيها وابتدى يرشحلى أغانى معينة.. سمعتها وأعجبت بيها جداً.. اول مرة اسمع أغانى تركى وبصراحة فيها شبه كبير من الموسيقى بتاعتنا.. عبده بعد شوية لما لاقانى هاروح فى النوم راح مغيّر البرنامج بتاعى على موسيقى هادية من التراث التركى القديم.. كان واضح اتها أغانى صوفية من اسمها ومعظمها كانت على الناى... ابتسمت وغمضت عينى ونمت والسماعات فى ودنى.

بعد شوية صحيت والطيار أعلن انه فاضل نص ساعة والطيارة توصل.. رجعنا نتكلم تانى أنا وعبده.. قالى انه من بلد فى جنوب تركيا اسمها (أدنة) على حدود سوريا تقريباً - حد يفكرنى ابقى اعمل عليها سيرش على جوجل- وهيا البلد الوحيدة فى تركيا اللى بيعرف أهلها اللغة العربية عشان فيها عرب كتير ، قالى: بس اللهجة بتاعتنا صعبة، أنا باحكى معكى باللبنانى عشان تفهمينى، لو حكيت معك ببلهجتنا ما راح تفهمى عليا بالمرة.

لما الطيارة ابتدت تنزل وتقرب من المطار.. ابتدت ملامح أسطنبول تبان من فوق.. مدينة على البحر بأنوارها الكتير ومآذن المساجد باينة منورة والمراكب فى البحر متنتورة زى الجواهر.. عبده مشالش عينه من على الشباك وكان كل شوية يبصلى ويضحك ويقولى

(Home.. sweet home)

نسيت أصلاً أقول انه طول الرحلة كان بيبص فى ساعتى عشان يعرف فات قد ايه وفاضل قد ايه.. قلتله: حمد الله على السلامة... قالى: الله يسلمك، وان شاء الله توصلى انت كمان مصر بالسلامة.. سكت كده وقالى: لما ارجع كندا راح احكى لصاحبى المصرى عنك، بصتله كده باندهاش وسألته: هتقوله ايه؟ قالى: هاقوله قابلت فى الطيارة بنت مصرية جميلة J

كان نفسى أقول لعبده ان هوا اللى جميل، بس طبعا مكنتش اقدر.. اكتفيت بالرد عليه بابتسامة خجولة...

الطيارة وصلت المطار ووقفت والركاب قاموا، سلّم عليا عبده وقالى أشوف وشك بخير .. توصلى بالسلامة

فى مطار اسطنبول توجهت على طول لمكتب الترانزيت عشان أشوف مشكلة الرحلة اللى طبعاً فاتتنى... المكان كان فيه ناس كتير جداً واقفين عشان نفس المشكلة.. طياراتهم كلها اتأخرت وبالتالى ضاعت عليهم الرحلة اللى بعد كده.. المشكلة ان كل الموظفين التركيين فى المكتب كانوا قمة فى البرود واللامبالاة.. بيتعاملوا مع الناس بعدم اكتراث.. اللى ياخد من واحد التذاكر ويدخل ويغيب جوه وميخرجش.. واللى يرد على اسئلتك بقرف.. واللى أصلاً مش عايز يرد عليك.. كان موقف غريب جداً اللى عقد الموضوع أكتر ان معظمهم أصلا مش بيعرف انجليزى !! مش فاهمة ازاى ناس موظفة فى مطار دولى المفروض بتتعامل مع بشر من كل مكان فى العالم ومبيعرفوش انجليزى.. الناس غلبت معاهم عشان يسألوهم.. طبعاً كل الرحلات التالية لأى مكان كان هيبقى فاضل عليها وقت طويل جداً ... شىء متوقع طبعاً... حظى ان طيارة القاهرة كانت بعد 6 ساعات بس.. باقول حظى لأن كان

فيه ناس واقفة منهم اللى جاى من لوس انجلوس واستنى فى فرانكفورت 7 ساعات وهيضطر يستنى فى اسطنبول 20 ساعة كمان !! ومنهم اللى أول طيارة رايحة المكان بتاعه كانت بعد يومين.

حمدت ربنا وقلت أهون من غيرى.. بس كانت غلطتى انى حاولت أسأل الموظف القرفان من نفسه اذا كان فيه فندق قريب اقدر انزل فيه ولا لأ.. المفروض فى الحالات دى ان شركة الطيران هيا اللى بتحجز وتدفع لأن التأخير من عندهم.. وأنا واقفة فوجئت بأنيتا واقفة جنبى بتتخانق مع موظف تانى قرفان برضه لأن رحلتها كانت هتبقى تانى يوم وكان لازم تقضى اليوم فى أى فندق.. بعد عناء فهمت من الموظف المفروض توصل للفندق ده ازاى لأنه كان رافض يقولها أى معلومات أكتر من اسم الفندق وحاولت كتير انه يوصفلها أو يقولها تروحه ازاى وتقولهم ايه هناك.. بس يبدو انه يا اما مش فاهم يا اما بيستغبى..

بالنسبالى اتضحلى بعد عناء برضه انى مينفعش اخرج من المطار لأنى معيش تأشيرة تركيا – هيا ليه تركيا مش تبع دول شينجن !!! – ما علينا كان الحل الوحيد انى استنى فى المطار... سألت الأخ القرفان آخر سؤال.. فين المسجد اللى فى المطار؟ قلت فى بالى أروح أصلى واقعد هناك استنى معاد الطيارة... رد عليا بكلمة واحدة (فوق) ومن غير ما يبصلى.. الناس دى مش طبيعية على فكرة...

طلعت (فوق) ودخلت الحمام غسلت وشى واتوضيت، كان نفسى لو أقدر آخد حمام وأغير هدومى بس دا كان من رابع المستحيلات طبعاً... المهم فوقت شوية ورحت على المسجد ودخلت و ... هالنى المنظر..

أرضية مسجد السيدات مفروشة (بالسيدات طبعاً مش بالسجاجيد ولا حاجة) كلهم نايمين جنب بعض جنب بعض.. والنور مطفى طبعاً.. اتنسفت فكرة انى اقعد فى المسجد لأنى مش هانام .. كان فى بالى اقعد بس اقرأ أو اكتب.. اكيد مش هاقعد وسط الأموات دول.. سلمت أمرى لربنا وقلت أصلى وبعدين اطلع اقعد فوق فى أى حته... كان فيه واحدة ست تركية الوحيدة اللى صاحية غلطت غلطة عمرى تانى وحاولت أسألها اتجاه القبلة منين.. طبعا لأن اكيد الأخوات اللى نايمين مش نايمين فى اتجاه القبلة وانا مش شايفة حاجة فى الضلمة... كنت عايزة أصلى المغرب والعشا لأنهم فاتونى.. كنت صليت الضهر والعصر جمع تقديم فى البيت قبل ما انزل. الأخت الست التركية كانت مصرة اصرار غريب ان آذان الفجر لسه وبالتالى انا مينفعش أصلى دلوقتى... حاولت أفهمها بالانجليزى طبعا لأنى مبعرفش تركى انى عايزة أصلى المغرب والعشا بس مفهمتش.. افتكرتنى بسأل على مكان الحمام.. المهم سبتنى منها فى الآخر وتخيلت مكان القبلة يناء على مكان المنبر اللى مخدتش بالى منه فى الأول بسبب الضلمة... شوفتلى حتة فاضية بين الأجساد النتراصة وحطيت حاجتى ووقفت وابتديت أصلى وسط دهشة الحاجة التركية واستغرابها انى باصلى الفجر قبل معاده... خرجت من المسجد ولفت انتباهى وأنا خارجة يافطة على الباب مكتوب عليها – بالعربى – المسجد مخصص فقط للصلاة ولا يجوز استخدامه فى الأكل أو الشرب أو النوم !!!

طلعت استنى الطيارة اللى هتكون بعد 6 ساعات ولقيتها فرصة انى اكتب الكلام ده قبا ما انساه.. طلعت اللابتوب وقعدت اكتب وآدينى أهو مستنية الطيارة لما أشوف آخرة تداء الوطن هيعمل فينا ايه تانى أكتر من كده.

-------------------------------------

ششششششششششششششششششششششششش

عدنا بعد الفاصل

بقيت الحكاية كتبتها بعدين بعد كتير اوى من لما كنت فى المطار، طبعا انا روحت مصر والاجازة خلصت ورجعت تانى، بس مش عارفه ليه افتكرت الموضوع ده وقلت لازم اكمله

قضيت بقية الوقت فى مطار اسطنبول بعد لما بطارية اللابتوب فضيت اتمشى فى المطار شوية... قلت بعد كده اروح على البوابة استنى هناك واقعد اقرا شوية لغاية لما الوقت يفوت... كان معايا رواية الطنطورية لرضوى عاشور، رواية ممتعة حقيقى وكان نفسى اعرف نهايتها.. طبعا لا يخفى على اى حد ان السبب الحقيقى هوا ان كان لسه عندى هاجس ان ممكن يحصل اى مفاجآت أخرى فآثرت السلامة وقلت اروح هناك أحسن. المهم وأنا باتمشى اغرانى جدا محل كتب واسطوانات كان فى المطارفى السوق الحرة، دخلت طبعا وابتديت اتفرج على السيديهات، كانت صدفة جميلة أنى خرجت من المحل ب 4 سيديهات و كتاب



السيديهات كانت واحدة منهم البوم موسيقى لعمر فاروق الموسيقار الشهير عبارة عن 12 قطعة موسيقية عن الحب من مصر و تركيا و اليونان وبلاد تانية احتفالا بمناسبة مش عارفاها بالظبط بتجمع دول البحر الأبيض المتوسط

السى دى التانى كان موسيقى صوفية من تراث قديم على الناى برضه لعازفين مختلفين من مصر وتركيا وفلسطين.. العازف المصرى اسمه محمد مقصود أول مرة أسمع عنه ، ما علينا المهم معروف طبعا السبب انا اشتريت السى دى ده ليه J

التالت كان الميوزك تراك بتاع الفيلم الفرنسى ايميلى.. لما شفته قررت اشترية هدية لأختى لأنها بتحب الفيلم وبتحب بطلة الفيلم اودرى تاتو.. الفيلم يتحب بصراحة من أحلى الأفلام اللى شفتها رومانسى جدا

السى دى الرابع كان البوم غنائى لمطرب تركى مش فاكره اسمه بصراحة بس اللى لفت نظرى ليه انهم كانوا مشغلينه جوا المحل واغانية عجبتنى جدا.. قلت برضه اجيبه هدية لأختى التانية لأنها اليومين دول كانت غاوية تتفرج على مسلسلات تركي واغانى تركية

الكتاب بقى كان السيرة الذاتية لأورهان باموك الكاتب التركى صاحب جايزة نوبل بيحكى فيها عن اسطنبول المدينة اللى نشأ فيها.. الكتاب كان باللغة الانجليزية و كونه سيرة ذاتية وعن اسطنبول وأول حاجة هاقراها لأورهان باموك كانت كلها أسباب كافية جدا انى اشتريه.

رحت للشاب التركى الوسيم برضه الواقف على الكاشير وسألته عن السى دى اللى كان شغال، جابهولى وحاسبت على كل الحاجات ومشيت. رحت عند البوابة اخيرا واستنيت لحد ما جه وقت البوردنج. كل حاجة الحمد لله مشيت فى معادها والطيارة طلعت فى معادها ومكانش فيه حد جنبى فى الطيارة المرة دى أو يمكن كان فيه بس أنا مش فاكره لأنى تقريبا اغمى عليا ونمت، وصلت الطيارة مصر أخيرا... مش مصدقة نفسى كلها دقايق وأخرج أقابل ماما واخواتى واروح بيتنا..

بعد ما عديت من الجوازات ورحت عشان استلم الشنط، فضلت واقفة على السير لغاية ما كل الشنط طلعت والسير وقف وشنطى لسه مطلعتش... الشنط ضاعت !!!!!!!!!!!!

كنت من التعب وعدم التركيز لدرجة انى سهمت.. خلاص معادش اى حاجة تانية هتحصل ممكن تأثر فيا اكتر من كده.. الشنط مجاتش وايه يعنى عادى بتحصل كتير

رحت على مكتب الأمتعة فى المطار ووقفت ورا طابور طويل لحد ما وصلت للشباك.. عملت محضر بضياع الشنط وأخدت رقم المحضر وارقام التليفونات ووعود بأن الشنط هترجع فى أقرب طيارة وخرجت من بوابة الوصول

طبعا لقيت ماما وأخواتى مستنينى وعلى وجوههم كل ملامح القلق بعد ليلة طويلة عصيبة وتأخير جوا الصالة بالرغم من ان الطيارة واصلة من فترة... نسيت أقول ان فى الرحلة الجميلة دى طبعا الموبايل فصل شحن ومعرفتش اكلمهم أول ما وصلت

أول ما قابلتهم قلتلهم حاجتين.. عايزة اروح.. عايزة أنام

Saturday, January 1, 2011

فعل الكتابة

لم يعد العائد من الكتابة أكبر من الحزن الذى أبذله أثناءها، ولم يعد لدى من أكتب لأجله.
لأول مرة أشعر أن حزنى أكبر من أوراقى، كنت دائماً أصر على أن الورقة عندما نحسن استغلالها تكون قادرة على الأحتواء، أيا كان حجم الجرح، وشدة البرد، ولكنى عاجز عن مناقشة حزنى معها الآن، هى تتكلم لغة الكتابة وأنا أتكلم لغة المنكوبين المفجوعين والمطعونين بقسوة فى صميم أحلامهم ومشاعرهم.

معك أنت تعلمت أن أكتب وأنا فى حالة حب، لأن الكتابة دون حب ليست الا حرفة، وكنت أمارسها بعشوائية، أمسك القلم وأرسم الخطوط، ومع نهاية كل خط، أتخذ قرارى بالانعطاف يميناً أو يساراً، ارتجالية تتسع لتكوّن فوضى منسقة باطار فكرتى الشاردة، الآن اتخذت هذه الفكرة مداراً حول أمرأة بعد أن كانت تائهة فى علم الله.

قبلك كنت أنظم كلماتى على سطورى بحذر محاولا أن أخرج بقصيدة، ثم أعطيها عنواناً، وأذيلها بالتاريخ، وأضعها بجوار أخواتها حتى تجف، كما يفعل الخزّاف بأوانيه الفخارية. ومنذ أحببتك، بل منذ عرفتك، أصبحت اكتب على الهواء ولا أحتاج الى أسطر ، أستطيع أن اكتب بلا حدود ما دمت سأقرأ عليك ما كتبت حالما انتهى من كتابته، أستطيع أن أطارد الأقمار الشاردة حتى تختفى، أستطيع أن استخرج الكنوز المدفونة تحت حدىّ قوس قزح، أستطيع أن أخبر الجميع أنى أحبك فى أول القصيدة، أو آخرها، أو اترك الأمر لتقديرهم، واترك الخبر ضائعاً بين مبتدأ الشعر ومنتهاه.

أستطيع أن اسجل اسمك فى سجل النساء التاريخيات اللواتى غيرّن أقدار الرجال، ولكن لا تتركينى أفكر فيك دون أمل. اتركى لى دائماً فجوة صغيرة أمرر من خلالها قلبى، فأنا لا أكتب وأنا يائس. لا تجعلينى أيأس ، لأن اليأس دائماً شعور فوضوى هدّام، الكتابة اليائسة تشبه زنا التقى اذا استيقظ قلبه، وأنا أكره أن افعل ذلك، ولكنه القلم، عصاى التى أتوكأ عليها وأهش بها على ألمى.

محمد حسن علوان
سقف الكفاية

فصل أخير

لا أشعر بالحزن... اتعجب لذلك الشعور الآن.. كيف أصبح؟ ماذا يعنى؟

أبحث عن الدموع فلا أجدها.. أبحث عن احساس بالأسى فيفر منى كما تفلت الماءَ الأصابعُ..

هل كان يجب أن أتذلل وأخضع لك كل هذا الخضوع حتى أتيقن من عدم جدوى قصتنا؟ هل كان يجب أن تواجهنى بالنهاية قاسية عنيفة لأقتنع؟ بأن ما بيننا قد انتهى.. ألم يكن يكفينى ما حاولت أن تبلغنى اياه بالرفق تارة، وباللين تارة أخرى حفاظاً على مشاعرى... وقتها كنت أدرك بنصف عقل ونصف وعى أن ما بيننا فى سبيله الى نقطة نهاية، لكنه لم يصلها بعد..

وقتها كنت أجد للحزن مبرراً وللدموع مغزى.. كانت تأتينى سهلة واضحة لتخبرنى أن ثمة طريق للنجاة لا يزال تائهاً، ينبغى فقط أن نبذل جهداً اضافياً للبحث عنه.. ولكن هذه المرة الأخيرة كنت واضحاً.. هل كان يجب أن تُغّلف ذلك الوضوح بتلك القسوة المقنّعة بأنه لا سبيل للبقاء؟ وأن كل شىء.. قد انتهى..

فى هذه اللحظة فقط أدركت مصير ذلك الطفل الذى أنجبته منك... ذلك الطفل الجميل الذى نما فى داخلى واخضر.. كان غذاؤه الأمل وشرابه الأحلام.. أسأل نفسى الآن ما الخطأ؟ ماذا يمكن للمرء أن يبذل من ضمانات لتحقيق أحلامه أكثر من أن يكون مخلصاً جداً وأميناً جداً وصادقاً جداً ؟

"عندما ترغب فى شىء ما بشدة ولا تدركه.. فاعلم أنك لم تبذل جهداً كافياً لاقناع نفسك بذلك"

كنت مؤمنة بها الى أن تيقنت الآن بأنه لا يكفى الحلم أن يكون مخلصاً.. لا يكفيه أن يكون مشروعاً بذاته .. حسن النية.. نبيل الهدف كضمان لتحقيقه. الحلم كالبذرة قد تكون نقية، عفيّة، خضراء، بداخلها تكمن كل احتمالات النمو، فقط اذا توفرت لها التربة الصالحة والمناخ المناسب.. فقط اذا وجدت من يحرص عليها فيعمل على تهذيبها وسقايتها من آن لآخر.. هكذا الحلم.. ان لم يجد من يرغب فيه ويوفر له عوامل البقاء.. يذبل ويموت

هل تعلم كم حباً خبرت؟ هل كنت الأول؟ أم ستصبح الأخير؟

خبرت حباً.. أحبنى وتوهمت أنى أحبه... ولم يكتب له البقاء

وخبرت حباً.. أحببته ولم أخبره.. ولم يكتب له البقاء

وخبرت حباً.. أحبنى بجنون وكرهته.. ولم يكتب له البقاء

وخبرت حبك.. أحببتك بكل كيانى وأخبرتك، وأخبرتنى أنك لا تكرهنى .. انك تتمنى حبى، ولكن ثمة أسباب أخرى تمنعك.. ولم يكتب له البقاء

كم حباً يجب أن يخسره المرء حتى يدرك حباً يدوم؟

وكم حباً يبذله المرء ويظل بداخله شيئاً بعده من قوة يمكن أن يبذلها فى حب آخر؟

جفت المشاعر وطويت الأحلام.. وئد الطفل فى مهده قبل أن يُولد..

قول أخير:

" إن حباً تخطئه أقل قسوة وايلاماً من حب تتخلى عنه بيديك.. من حب تضطر مرغماً أن تتنازل عنه "

http://dinakhattab.tumblr.com/post/2501952414/nohareda-granada-marcel-khalife?ref=nf